المرأة والدعوة الى الله تعالى

يقول المولى عز وجل ( أدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) ،  ومن من أجمل الآداب التي علمها الله سبحانه لقادة الفكر أن عليهم مراعاة أحكام الدعوة والطرق التي بها يتيسر أداؤها،  فهي آداب تتركز في إبلاغ الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن.

وهذا الخطاب الرباني الشريف الجليل يعم الجميع رجالا و نساء،  ذكورا و إناثا، ومن خلاله ندرك فرضية الدعوة و الإبلاغ على كل مستطيع ومستوف للشروط العلمية والمادية، وفي الحديث : ” بلغوا عني ولو آية “.
و هذه الدعوة – كما ذكرنا- حقيقة أدركتها  النساء  منذ عهد النبوة و الرسالة، حيث  لم يأللن جهدا لإيصال كلمة الحق إلى البشرية جمعاء، مهما كلفهن الأمر، و من يتتبع التاريخ يجد أن المرأة المسلمة ضربت أكبر الامثل و القدوات لبنات جنسها في الحرص على تلقي العلم من منابعه الأصيلة، و في العمل به و إفشائه ونشره، والأمثلة في ذلك لا تحصر.

خلال هذه السطور الآتية، سأذكر – على سبيل المثال- واحدة منهن تكفينا عن الأخريات، و هي أم شريك الدوسي: و هي امرأة بذلت النفس و النفيس لدعوة نساء قريش، كانت تدخل على نساء قريش سرا فتدعوهن وترغبهن في الإسلام  حتى انتهى بها الأمر ان وقع في أيديهم و كادوا يقتلونها لولا قومها، فقالوا لها  (( لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا لكنا سنردك إليهم )) ، وهي واحدة من بين المئات اللواتي لا نستطيع ذكرهن في هذه العجالة،  وينضاف إلى ذلك الدور الذي كانت زوجاته عليه الصلاة و السلام يقمن بها، و خاصة الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها، حيث كانت النساء بل حتى الرجال يأتونها ليتدارسوا معها أمور دينهم.
و إذا نظرنا الى هذا العصر  نجد أن الأوضاع الاجتماعية تفرض مزيدا من مشاركة المرأة في النشاطات الدعوية، مع احترام القواعد  و المعالم التي رسمتها الشريعة و التي تحكم تلك الأوضاع أبد الدهر، لذا   نرى أن هناك من النساء من  يحذون حذو الصحابيات الجليلات و يفعلن المستحيل لإبلاغ الدعوة إلى أبعد الأفاق، يدخلن القرى ويساعدن اهلها ماديا و معنويا، يضحين بأنفسهن و بأوقاتهن، خالصة لوجه الله لا يردن من ذلك جزاء ولا شكورا، في الوقت الذي آثرت الكثيرات واستبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير، و ينفقن أموالهن في أشياء لا يفيدهن في الدنيا و لا في الآخرة، و لا يستنتجون منها إلا لعنات وويلات.
و على أي فإن دور المرأة في الدعوة أبرز من أن تبحث، و هي حجر أساس فيها، علما بأنها لا بد لها من  الترتيب و التنظيم في وقتها ، بحيث لا تكون  عفوية و لا عاطفية  تخرج و تدخل متى شاءت يرى في كل وقت و حين ، تبرمج وقتها بين واجباتها وترتيب أولوياتها بين الارتقاء بنفسها إيمانيا وتزكيتها بالعبادات ورعاية زوجها وبيتها وتربية أولادها و التواصل معهم في ظل ظروف العصر وصولا لتحقيق التوازن بين رسالتها في بيتها و بين ما يحيط بأسرتها في المجتمع الخارجي.
ولا يخفى أن الدعوة ، عند النساء خاصة، تقتضي التثبت ، والإتقان القوي للعلوم الإسلامية، وفهم متطلبات العصر. وهذه المراحل كيفما كانت، فلا تخلو من صعوبات ، ودعوة النساء للنساء أبلغ بكثير من دعوة الرجال لهن ” وهذه الدعوة لا تقتصر فقط على المحاضرات والمخيمات فقط، بل تدخل فيها جميع النشاطات التي بإمكانها أن تتعلم النساء ودينهن. لذلك، لا بد من تكوينهن، وتعليمهن الطرق التي بها يحققن ” الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة”.
ولا يخفى أيضا أن الدعوة من أجل الأعمال  الصالحات التي تستطيع المرأة أن تقوم بها. ففي القرآن : (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا).
دور المرأة في المجتمع ما زال ولن يزال خافزا يدفع إلى مقاومة الحياة. وإن هي لعبته، فالمجتمع سيظل خالدا يخدم الإنسانية، والبيت الصالح المتوخاه سيسود إلى الأبد .

بقلم الأستاذة ندي نغون غي

jironline.org :المرجع

Facebook Comments

Comments are closed.